نقلت صحيفة العربي الجديد عن “مصادر دبلوماسية مصرية” أن المشاورات المشتركة بين مصر وتركيا لاستعادة العلاقات بين البلدين، شهدت أخيراً بعض التعثر في شقّها الدبلوماسي، وقالت الصحيفة في تقرير لها إن التعثر جاء بعد مطالب من قِبل القاهرة “تأخرت أنقرة في الرد بشأنها بسبب ما أرجعه الجانب التركي إلى ترتيبات داخلية”.
وبحسب مصادر الصحيفة فإن المسؤولين في مصر عطّلوا إدخال شحنات مساعدات تركية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البرّي في أعقاب وقف العدوان الإسرائيلي، في حين سمحوا بتمرير مساعدات تونسية ومغربية وكويتية، وهو الأمر الذي جاء بمثابة رد على ما سمته المصادر “بالتأخير التركي في الرد على بعض المطالب المصرية”.
واستدركت المصادر بأن “الأمر يمكن وصفه بالتباطؤ، وليس التعثر أو الفشل، خصوصاً أن باقي المسارات المشتركة بين البلدين تسير بوتيرة جيدة”.
وأشارت إلى أن “التنسيق الأمني والاستخباري في بعض الملفات يسير بشكل جيد، خصوصاً على صعيد الملف الليبي”، موضحة أن هناك تنسيقاً بشأن الجهود المصرية التركية في عملية توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا من أجل تحقيق الاستقرار في هذا البلد، عبر ما يمتلكه كل طرف من نفوذ هناك”.
وأوضحت أن “هناك تفاهمات مصرية تركية، مع الأطراف الليبية بشأن أفكار متعلقة بتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية”، مشيرة إلى تصوّر يشغل حيّزاً كبيراً من التفكير بين البلدين، ويقضي بأن تكون رئاسة أركان الجيش الليبي لصالح غرب ليبيا، فيما يكون منصب وزير الدفاع من نصيب الشرق.
ولفتت في الوقت ذاته إلى أن هناك توافقاً عاماً سواء بين أطراف غرب ليبيا، أو الأطراف الدولية اللاعبة في الملف الليبي، حول اسم اللواء أسامة جويلي، قائد المنطقة العسكرية الغربية (لرئاسة الأركان)، فيما لا تزال عملية تسمية مرشح لوزارة الدفاع من الشرق متعثرة”.
وحول ما إذا كانت مطالب القاهرة تتعلق بملف “المعارضة المصرية” الموجودة في تركيا، لم تنف المصادر أو تؤكد ذلك، مكتفية بالإشارة إلى أن هذا الملف ليس هو المحدد الرئيس في العلاقة. وأوضحت أن “مصر لديها تصور سابق يقوم على إخراج عدد من رموز المعارضة، وقيادات في جماعة الإخوان المسلمين، من الأراضي التركية، وذلك من دون أن تشترط تسليمهم لها”.
كما لفتت إلى أن الجانب التركي “لم يبد اعتراضاً بشأن بعض الشخصيات المعارضة من غير المحسوبين على جماعة الإخوان، وبعض الوجوه الإعلامية، في حين يتحفظ على إبعاد عدد من قيادات الجماعة البارزين، مرجعاً هذا الأمر إلى أسباب داخلية في المقام الأول، مؤكداً في الوقت ذاته استعداده لمراعاة التحفظات المصرية على تحركات الجماعة وقياداتها في تركيا”.
وحول ما يتعلق بالمسارات الأخرى للتشاور المصري التركي، أوضحت المصادر أن المسار الاقتصادي يسير أيضاً بشكل جيد، وبوتيرة منتظمة، وتكاد تكون متصاعدة بحسب تعبيرها. ولفتت المصادر إلى أن حساسية التحركات في ملف شرق المتوسط، تعد من الأمور المعطلة للتسريع في إعادة العلاقات لطبيعتها بين البلدين.
وأضافت أن “السياسة المصرية بطبيعتها بطيئة، ويمكن توصيفها بحركة الأفيال، لا تتغير بشكل حاد وسريع، ولذلك سيظل صانع القرار المصري محافظاً على خطوات من شأنها عدم الإضرار بعلاقاته بكل من قبرص واليونان، وفي الوقت نفسه تحقيق القدر اللازم من التقارب المصري التركي”.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال الأسبوع الماضي، إن مصر ليست دولة عادية بالنسبة لبلاده، وإن أنقرة تأمل في تعزيز تعاونها مع مصر ودول الخليج إلى أقصى حد “على أساس نهج يحقق الفائدة للجميع”.
وأضاف أردوغان، في تصريحات صحافية: “لدينا إمكانات كبيرة للتعاون مع مصر في نطاق واسع من المجالات، من شرق البحر المتوسط إلى ليبيا”. وتابع “أعرف الشعب المصري جيداً وأكن له المحبة، فالجانب الثقافي لروابطنا قوي جداً، لذلك نحن مصممون على بدء هذا المسار من جديد”، مشيراً إلى أن هناك “وحدة في القدر” بين شعبي البلدين.
وأكد أردوغان وجود اتصالات بين جهازي الاستخبارات ووزارتي الخارجية لكلا البلدين. وقال في هذا الصدد: “أعطينا تعليمات لكل وزاراتنا بشأن عقد اجتماعات مع نظيراتها المصرية، كما أعطينا تعليمات لجميع المؤسسات المالية والاقتصادية للاستفادة من جميع الإمكانات والطاقات المشتركة بين مصر وتركيا وتطوير العلاقات الثنائية لتحقيق مكسب مشترك”.
الأمر نفسه أكده بعد أيام قليلة المتحدث باسم حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا، عمر جليك، قائلا إن “استخبارات مصر وتركيا واصلت محادثاتها حول الأوضاع الأمنية على الرغم من انقطاع العلاقات”. وأضاف جليك في تصريحات صحافية، يوم الثلاثاء الماضي، أن “المحادثات التي بدأت بين أجهزتنا الاستخبارية انتقلت إلى إطار وزارة الخارجية”،
وأشار إلى أنه “من الآن فصاعداً، سيتم اتخاذ خطوات تمكننا من التركيز على قضايا ملموسة من خلال المحادثات المتبادلة والمشاورات”. وأشار إلى أن لدى البلدين “أموراً عليهما القيام بها بشأن العلاقات الثنائية، والتباحث بخصوص ليبيا ومستقبلها، والبحر المتوسط، ومستقبل العلاقات الثنائية”، مؤكداً أن “أنقرة تحمل نهجاً إيجابياً بهذا الخصوص، كما أن العلاقات بين البلدين متجذرة”.
وزار وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال، في 5 و6 مايو/أيار الماضي، القاهرة، في أول زيارة من نوعها منذ العام 2013. وأجرى الوفد محادثات “استكشافية” مع مسؤولين مصريين بقيادة نائب وزير الخارجية حمدي سند لوزا، لبحث التقارب وتطبيع العلاقات، بينما يواصل المسؤولون في تركيا محاولات خطب ود مصر لاستعادة العلاقات.